::: منتديات أساتذة اللغة العربية و آدابها في الجزائر :::
حللت أهـــــــلا ، و وطئت سهلا في منتديات أساتذة اللغة العربية و آدابها .
إن رغبت في الانضمام إلى عائلتنا من أجل الإفادة و الاستفادة ، فأنت مدعو إلى التسجيـــل
شعارنا : " من أجل مدرسة جزائرية فاعلة و أصيلة "
::: منتديات أساتذة اللغة العربية و آدابها في الجزائر :::
حللت أهـــــــلا ، و وطئت سهلا في منتديات أساتذة اللغة العربية و آدابها .
إن رغبت في الانضمام إلى عائلتنا من أجل الإفادة و الاستفادة ، فأنت مدعو إلى التسجيـــل
شعارنا : " من أجل مدرسة جزائرية فاعلة و أصيلة "
::: منتديات أساتذة اللغة العربية و آدابها في الجزائر :::
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


حللـت أهـــلا ، و نزلت سهــلا يا زائر فى منتديات أساتذة اللغة العربية و آدابها

 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
تــمّ بفضل الله تعالى و توفيقه افتتاح منتديات أساتذة اللغة العربية و آدابها في الجزائر  منتديات أساتذة اللغة العربية و آدابها : منبر تربوي ، تعليمي ، بيداغوجي ، تواصلي خاص بأساتذة مادتي اللغة العربية و التربية الإسلامية في الجزائر ... شعارنا : " معا نلتقي لنرتقي ... معــا نرقــى بلغــة الضــــاد " ... ننتظر التحاقكم بنا من أجـــل التواصــــل و تبادل الخبـــرات و إثــراء المنتدى بكــل جديــد و مفيـــــــــد ...
  نلفت انتباه الأساتذة الأفاضل المقبلين على التسجيل إلى أن قانون العضوية الخاص بمنتديات أساتذة اللغة العربية و آدابها ينص على ضرورة اختيار العضو اسما بحروف عربية مع تجنب استعمال الأرقام و الأسماء المبهمة و الغريبة ...

 

 روبرت غانيي والنمو المعرفي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالمؤمن يعقوبي
مشــــرف
مشــــرف
عبدالمؤمن يعقوبي



روبرت غانيي والنمو المعرفي Empty
مُساهمةموضوع: روبرت غانيي والنمو المعرفي   روبرت غانيي والنمو المعرفي Icon_minitimeالجمعة يناير 27, 2012 12:30 am




نظريات التعلم ذات العلاقة المرجعية بالمقاربة بالكفايات

2 - روبرت غانيي والنمو المعرفيRobert Gagné

عبدالمؤمن يعقوبي


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

إذا استثنيْنا الرَّصيد الوراثي الذي يُولَد مع الفرد، أمْكَنَنا الجزمُ بأنَّ المعلومات التي يكتسبها ويختزنها خلال حياته هي التي تميِّزه عن الأفراد الآخَرين.إنَّ هذه المعلومات المكتسبَة خلال تفاعُله مع أهله داخل البيْت، أو مع أترابه داخل المدرسة أوالمحيط، أو مع زملائه في ميْدان العمل نظراً لتنوُّعها، هي التي تجعله قادراًعلى التحكُّم في مختلَف السلوكات، مثل: حلّ المعادلات الجبرية، إنجاز تُحفة فنِّية،تطبيق
مهارات حركية معقَّدة... إنَّ اكتساب هذه المعارف سيتمُّ بسهولة، ومدَّة التعلُّم ستكون وجيزة إنْ نحن احترمْنا بعض الشروط أثناء تحضيرنا للدّروس وتنفيذها…

إنَّ الأبحاث التي أُنجِزت في مجال علوم التربية في العشريات الأخيرة من القرن الماضي، والتي اهتمَّت خصوصاً بـسيكولوجية التعلّم أسْفرت عن بعض المعطيات العلمية التي تمكِِّّن من تطوير المحيط البيداغوجي وتيْسير فعل التعلّم. نحاول، منخلال هذا التحليل، استغلال بعضها وتطبيق قواعدها على " التصميم البيداغوجي"بدْءاً بترتيب مختلَف أنماط المعارف أو القدرات التي في وُسْع الفرد تخزينها في حياته واقتراح بعض الشروط الواجب احترامها لتعلّمها…

للإلمام بمستويات وأنماط التعلّم، اخترنا نمطية "جانييه" نموذجاً سنعمل على تبسيطها وإيجازها، إذ يحدّدها في عوامل صنّفها إلى صنفيْن :
- العوامل التي تحدّد النّمو وراثياً إلى حدّ كبير
- العوامل التي تعود أساساً إلى عوامل بيئية ( التعلّم)
1- التعلّم الإشاري:
يعود بنا "جانييه" إلى التعلّم الشرطي الكلاسيكي لـ"بافلوف"و"واطسون" المبني على الاستجابات الارتكاسية التلقائية لمثيرات معيّنة، وهيردود فعل عفوية لاإرادية تستجيب لمنبّه خارجي أو بيولوجي ذاتي مثل: سحب اليَد عند اقترابها من النَّار، أو الخوف الذي ينتاب التلميذ عند دخوله قاعة الامتحان…
2- تعلّم الارتباط : ( مثير ـــــــــ استجابة):
خلافاً للنمط الأول ، فإنّ الاستجابة هنا إرادية/ اختيارية، وهو ما أسماه"سكينر" بالإشراط الإجرائي.
فالتعلّم–هنا– يتمّ عن طريق الرّبط بين مثيرمعيّن واستجابة أكثر تحديداً،مثل: اصطفاف التلاميذ في السّاحة أو جمعهم لأدوات الدِّراسة عند سماعهم دقّ الجرس… يُستخدَم هذا النمط التعلّمي في العديد من الأوضاع التعليمية إِذْ يُدرَّب التلاميذ على استجابات محدّدة كضرورة رفع الألواح (في طريقة لامارتينيار)عند سماع طرق المسطرة على الطاولة .
3 - تعلّم السلسلات الحركية :
إنّ الأفعال التي اكتسبها الفرد من خلال الرّبط بين المثير والاستجابة، تتلاحق وتترابط في تسلسل وانتظام
يؤدِّي إلى تعزيز النشاط الحركي. فالمتعلّم، بمجرَّد دخوله القسم، يتوجّه نحو مقعده، يجلس، يفتح محفظته، يُخرِج أدواته، يضع محفظته في الدّرج ويستعدّ لتقبُّل الدرس. إنها مجموعة أفعال وحركات مترابطة، متسلسلة ومتعاقبة تعلّمها التلميذ تدريجياً..
4- تعلّم الترابطات اللفظية :
إنّ الترابُط، في هذا النمط، مثل سابقه،لكنّ الاختلاف يكمُن في كوْن الأوّل حركياً، أي تمَّ بين حركتيْن فأكثر،
وهذه استجابة لفظية لغوية تمكّن المتعلّممن التعبير على قدرته على الربط بين كلمتيْن أو فكرتيْن فأكثر في نسق محدّد يؤدّي المعنى المطلوب فيعبّر بذلك على قدرته على إدراك العلاقات القائمة بين تلك الاستجابات. فقدرةالتلميذ على سرد الحروف الهجائية أو جدول الضرب في تسلسل لفظي منتظم، وقدرته على تسميع قصيدة شعرية… كلّها أمثلة عن المهارات العقلية القائمة على الترابط اللفظي. إنّ الترابُط اللفظي هو أساس التعلّم اللغوي
5- تعلّم التمييزات المتعدِّدة:
إنها خطوة سابقة لتعلّم وتكوين المفاهيم، إذْ يصبح في مقدور المتعلّم التمييز بين تسميات متعدِّدة وكلمات
متشابهة لمثيرات مختلفة. وقدرة التلميذ على التمييزبين المثيرات المتشابهة لََمِن الأهمية بمكان في مجال التعلّم، لأنّ هذا النمط يدفعبه إلى إعمال فكره للتمييز بين مختلف المثيرات المتباينة والمتداخلة للوصول إلى الاستجابةالمناسبة، كأن نقدِّم للتلميذ عناوين كتُب مختلفة، وندعوه
للتمييز بينها والرَّبط بينها وبين مؤلِّفيها، أو كأن نقدّم له مجموعة من أرقام السيارات فيستطيع التعرُّف على الولايات المسجّلَة بها.
6 - تعلّم المفاهيم :
بناء على مكتسباته وتعلّمه السابق للمثير/الاستجابة، يصبح في مقدور المتعلّمنقل المفهوم وتعميمه على أشياء أخرى انطلاقاً من خصائص مشتركة مميِّزة لها. فلو قدّمناله "برتقالة" باعتبارها من الحوامض، أمكنه، انطلاقاً من خصائص البرتقالةمن حيث الحجم واللوْن والشكل والطّعم، تصنيف الليمون على أنّه ينتمي للحوامض. والمفاهيم نوعان:
- مفاهيم محسوسة : مثل الشجرة ، الكتاب ، الرجل…
- مفاهيم مجــــرّدة : مثل الحب ، الجمال، الديمقراطية…
7 - تعلّم المبـــادئ :
انطلاقاً من سلسلة المفاهيم، يكون في استطاعة المتعلّم الرَّبط والوصلبين مختلَف حلقاتها ليكوِّن مبدءاً أو قاعدة بطريقة تمكِّّنه من أن يطبِّق ما تعلّمَه على مواقف أخرى جديدة، مشابهة، متنوِّعة ومتداخلة، كأن يربط مفهوم "المستدير"بالكرة لأنّه تعلّم أنّ كلّ شيْء مستدير قابل للتّدحرُج
8- تعلّم حلّ المشكلات:
يتموْقع هذا النمط من أنماط التعلّم في قمّة البنية الهرمية عند"جانييه"وهو قمّة النشاط التعليمي/ التعلّمي، إذْ يصبح في امكان المتعلّم، انطلاقاً من المفاهيم والمبادئ المكتسبة، تعميمها على وضعيات مختلفة ومتنوِّعة لإيجاد حلٍّ لإشكال يواجهه أو للتصدِّي لقواعد معقَّدة ( فالطفل الذي فهِم أنّ الأشياء المستديرة تتدحرج ، يحاول –تفادياً لذلك– وضعها في مكان يحول دون ذلك )

والملاحَظ أنّ "جانييه" في تصنيفه هذا للتعلّم، راعى مراحل نموِّ الطفل إذْ خصَّ المرحلة الأولى، مرحلة الطفولة بأربع مستويات بسيطة: من تعلّم العلامات والإشارات إلى الإستجابة لمنبِّه أو مثير، إلى الترابُطات الحركية فاللفظية؛ ثمَّ خصَّ المرحلة الثانية بمستويات أكثر تحديداً
وتعقيداً، مراعياً في ذلك التكامل والتدرُّج والانسجام والتناسُق… فاكتساب المفاهيم لا يتمُّ إلاَّ إذا كان المتعلِّم قادراً على التمييز بين مختلَف الترابُطات اللفظية والحركية، وهذه الأخيرة تُبنى على الإثارة والاستجابة، ويزداد احتمال تحكّّمه في فهم القواعد والمبادئ إذا اكتسب المفاهيم،ولن يتمكّّن من حلّ المشكلات إلاّ إذا توفّّرت لديْه مجموعة أو سلسلة من المبادئ والقواعد والمفاهيم. وهكذا، نلاحظ أنّ "جانييه" في تصنيفه، ينطلق من ضرورة تعلّم الحقائق البسيطة ليدفع بالمتعلّم إلى استخدام هذه الحقائق لتعلّم المستويات الأكثر تعقيداً وتجريداً من خلال التعرّف على المفاهيم والقواعد والمباديء فالتمييز بينها، إلى إقامة علاقات بين هذه المفاهيم قصد تنمية القدرات على حلّ المشكلات التي تتحدّاه… وبهذا،فإنّ "جانييه" يؤكّد على ضرورة تعزيز المكتسبات حتّى لا تنطفيء لأنّ أيّقدرة عُلْيا تعتمد أساساً على مدى تحكّم
المتعلّم في القدرات الدّنيا…

ومن هذا المنطلق، يوصي "جانييه" المعلّمبضرورة اتّخاذ إجراءيْن هامّيْن قبل تحديد استراتيجية التدخّل وهما:
- ضرورة تحديد الأهداف البعيدة المدى والحرص على اشتقاقها وتجزئتها إلى أهداف قريبة التحقُّق يمكن ملاحظتها وقياسها...
-ضرورة تحليل المهمّة التعليمية قصد تحديد كفايات المتعلّمين اللازمة والمهارات الخاصة ومدى تحكّمهم في التحصيل القبلي الذي
سيُبنىعليه التعلّم الجديد، وبالتالي تحديد المتطلبات التي ينبغي توافرها لدى كلّ متعلّملكي يتمكّن من تحقيق الأهداف المرصودة. والملاحظ جليّاً، من خلال مقارنة خفيفة بين أعمال "بياجي" و"جانييه" أنّه،إذا كان الأوّل (بياجي) يولي الأهمّية الكبرى للتطوّر العقلي لدى الطفل، فإنّ"جانييه" يولي الأهمّية القصوى لتحديد محتوى التعلّم وإلى كيفية تنظيم المادّةالتعليمية حتّى تتلاءم مع نموّ الطفل المعرفي... وهكذا يتجلّى لنا الفرق شاسعاً بينهما إذْ إنّ "بياجي" اهتمّ بالناحية الكيفية للتعلّم (كيف يفكّر الطفل) بينمااهتمّ "جانييه" بالناحية الكمّية أي مقدار المعلومات التي يمكن أن يتلقّاهاالمتعلّم مع ضرورة ربطها بالتعلّم السابق

تُعتبَر نمطية "جانييه" مساهمة كبرى في مجالي التعليم/ التعلّملكونها لا تكتفي بتحديد أنماط التعلّم فقط، ولكنها تتعدّاها إلى تحديداستراتيجيات تعليمية/ تعلّمية تؤدِّي إلى تحديد الشروط الواجب توافُرها للتمكّن من أيِّ نمط من الأنماط الثمانية المقترَحة… أضِفْ إلى ذلك، عملية
تحليل المهمّة التعليمية التي تعتبَرركيزة أساسية تساعد المعلّم في تنظيم نشاطاته وتجعله قادراً على تحديد الأهداف والطرائق والوسائط التعليمية… لذا، وتسهيلاً لمهمّة المعلّم في تحديده لأهداف التعلّم ، يطلب منه أن يضع هذا التساؤل، دائماً، نصب عينيْه متى همَّ بإعداد نشاط من نشاطاته: " لكي يكون التلميذ قادراً على القيام بـ/ أو فهم هذا المفهوم، ماذا ينبغي عليه أن يكون قادراًعلى فعله، أو معرفته، أو فهمه؟ أي،ما هي المكتسبات المعرفية والمهارية الواجب توافرها لدى المتعلّم لكي يتمكّن من هذا الأداء بسهولة وعلى أحسن وجه؟ ".
فالتعلّم، إذنْ، عملية ديناميكية متواصلة، وكلّ معرفة أو خبرة جديدة إنّما تُبْنى على مكتسبات قبلية، إذْ تمثِّل درجة في سلَّم نضْج فكرالمتعلّم وتطوّر عقله… والطفل شخصية مطّردة النموّ والتغيّر،وما المدرسة إلاّ وسيلة تساعده على ديْمومة هذا النموّ واستمرارية هذا التغيُّر…
القـــــدْرة :
يمكن توضيح مفهوم القدرة من خلال هذا المثال البسيط: لنفرض أنَّ موضوعنافي الرياضيات هو "مساحة المستطيل"…
ولنفرض أنَّ التلميذ يُتْقن جيِّداً عمليات الضّرب، كما يمكنه التعرُّفُ على معنى: المساحة، المستطيل،الطول، العرض… بعد مراجعة هذه المكتسبات واعتماداً على الطريقة القياسية، نبيِّن له: أننا نحصل على مساحة المستطيل بضرب الطول في العرض (مساحة المستطيل = الطول × العرض)، وندعِّم عملَنا بتقديم شحنة من التمارين التطبيقية الملائمة قصد التّثبيت والترسيخ… كما يُمكن اعتماد الطريقة الاستقرائية التي تنطلق من التمارين التطبيقية وُصولاً بالتلميذ إلى الاستنتاج المرغوب فيه : (الطول × العرض = مساحة المستطيل )

تنبثق عن هذه الوضعية التعليمية/التعلّمية ثلاثة مكوِّنات مشترَكَة تخضعلكلّ الوضعيات التعليمية /التعلّمية المعروفة. قدَّمنا، في البداية،بعض
المثيرات: التذكير بالمكتسبات ذات العلاقة المرجعية بالموضوع والتي هي بمثابة أرضية الانطلاق للتعلّم الجديد، ثمّ أمثلة متنوِّعة عن ذلك، وأخيراً تطبيقات مكث…

تلقّّى التلميذ هذه المُثيرات ثمّ قام بتحويلها؛ والمعلومات الخاصة بكيفية حساب مساحة المستطيل ترسّخت في ذاكرته على المدى الطويل. هذه المعلومات المخزَّنة ستسمح له، فيما بعد، بالتعبير عن سلوك معيَّن: حساب مساحة المستطيل ، هذه الأداءات التي تسمح بالتعبير عن السلوكات هي ما يسمّيه "جانييه"بالقدرة

نحاول ، الآن أن نتعرّض إلى تصنيف هذه القدرات الانسانيةالتي يقترحها "جانييه":
ترتيب القـــدرات :
لقد انكبَّ العديد من الباحثين على محاولة تصنيف القدرات الانسانية، منأشهرهم "بنيامين بلوم"(1956/1969)، و"روبرت جانييه (1972). فإذا كان تصنيف بلوم موزَّعاً على المجالات الثلاثة: المعرفي– الوجداني– الحس حركي، وقسَّم كلّ مجال إلى مجموعة من المستويات، نذكّر بالمعرفيةمنها: الاستيعاب– الفهم–التطبيق– التحليل– التركيب – التقييم… فإنَّ "جانييه"يرى أنَّ خمسة أنماط كبرى من القدرات كفيلة بتغطية أغلب النشاطات الانسانية عرضها في تصنيفه لمخرجات التعلّم كالآتي: المعلومات اللفظية– المهارات العقلية المهارات الحركية–المواقف والاتّجاهات- الاستراتيجيات المعرفة
لعلّ ما دفعنا إلى التعرّض إلى صنافة "جانييه" من بين السلوكيّين،كونُه أثرى النظرية السلوكية من جهة، وأضاف قدرتيْن إلى الصنافات
المعروفة، وهما: التبليغ اللفظي والاستراتيجيات المعرفية، كما حدّد بعض الشروط الواجب احترامُها لتعليم كلّقدرة من هذه القدرات من جهة أخرى. فيما يلي، نتعرّض لهذه الفئات الرئيسة الخمسة لمخرَجات عملية التعلّم حسب صنافة "جانييه ":
المعلومات اللفظية / التبليغ اللفظي : Informations Verbales
بإمكان كلّ فرد أن يتصوَّر- داخلياً– شيئاً أو حدثاً مَا ويبلِّّغه إلىغيْره. يسمِّي"جانييه" بالمعلومات اللفظية كلَّ العتاد الذِّهني(القدرات)الذي يوظفه الفرد لأداء مهمّات تمثُّلية وتبليغها إلى غيره. إنّ امتلاك الفرد لمثل هذه السكيمات –Schèmes- )تصوُّر بين المعنى المجرَّد والإدراك يسمح له بالتعبيرعن السلوكات من نوع: يذكر، يوضّح، يشرح، يصف، يسمِّي… وهي سلوكات بسيطة تعبّر عن قدرة الفرد
على الإخبار لفظياً يمكن ادراجُها ضمن ما أسماه "بلوم" وغيْرُه فينصنيفاتهم للمجال المعرفي بمستوى المعرفة أو الاكتساب عن طريق التخزين، لكوْنها تنحصرفي تجميع المعلومات في ذاكرة الفرد وتخزينها قصد استدعائها من أجل التبليغ والإخبار،ولو أنَّ الباحث أوزوبيل» D.P.AUSUBEL « يميّز بين مضمون هذه المعلومات اللفظية إذ يرى أنّ الكلمات التي تُستعمَللتبليغ المعلومات المخزَّنَة في الذاكرة والمعلومات في حدِّ ذاتها وجهان متبايِنان بحيْث إنّه في الحالة الأولى يسمِّيها بـــ" المساحة المبنية "– La surface structure– وفي الحالة الثانية "دلالة الكلمات – (Lasignification des mots /ou Structure Sémantique)–

وإننا سنهتمّ، في تحليلنا هذا، بالمظهر الثاني لثلاثة أنماط من المعلومات: الأفكار– النظريات– ترابط مجموعة نظريات
الأفكـــــار :
يستحيل أن يختزن الانسان كلّ المعلومات التي تُصادفه في حياته، لذا، فإنّه يلجأ إلى تجميعها حسب فئاتها ولا يحتفظ إلاّ بالخصائص المشتركة التي تجمعها والتي تضمن تذكّرها. وعلى سبيل المثال، فإنّ الفكرة التي يأخذها عن »شجرة « أو عن »الدّيمقراطية« لا
يمكنها أن تستوعب كلّ المعلومات– وما أكثرها– عن هذه الشجرة أو هذه الديمقراطية؛لكنه، يحاول أن يلمَّ بمجموعة من الخصائص المشتركة بين كلّ الأشجار ولكلّ الديمقراطيات…وهذا ما يدفعنا إلى القول بأنّ القدرة تتكوّن من مجموعة من الخصائص المشتركة بين الكثيرمن الأشياء التي تسمح للفرد بتصوّر هذه الأشياء وتبليغ هذه التصوّرات أو التمثّلات للغيْر. إنّ امتلاك الفرد لمفهوم (...) يسمح
بالتعبير عن السلوكات مثل : أن يحدّد ألواناً ثانوية ؛ أن يصف، انطلاقاً من خريطة ، أنواع التضاريس ؛ أن يشرح معنى الديمقراطية…

تحتوي "الفكرة"، حسب »ليندساي و نورمان-Lindsay & Norman – 1972 « معلومات من ثلاثة أنماط: المعلومات المتعلّقة بنوع الأشياء التي ينتمي إليها الشيء المتمثّل، المعلومات المتعلّقة بالتمييزات التي تميّزه عن باقي الأشياء من نوعه، وأمثلة دامغة للشيء المتمثّل. وهكذا، يمكننا تصوّر"الديمقراطية"على أنها »نظام سياسي يعتلي مسيِّرُوه المسئولية عن طريق الانتخاب الشعبي« كما يمكننا تصوُّر بلد معيّن (س) على أنّه نموذج للديمقراطية…

إنّ الفكرة التي يتعلّمها الفرد عن"متوازي الأضلاع"(Le parallélogramme) تنشأ انطلاقاً من الشكل الرباعي المتوازي الأضلاع
(المربع– المستطيل–المعين…).فالفكرة (التعلّم الجديد) تُبنى انطلاقاً من علاقتها بأفكار كلّية (المكتسبات)تمثِّل المجموعة التي تنتمي إليها يحدّد »أوزوبيل- Ausubel « نَمَطيْن من المنظِّمات التعلّمية : النمط الشارح والنمط المقارن، وكلّمنهما يرمي إلى تحقيق هدف نوعي خاص؛ فحينما تكون المادّة التعلّمية جديدة بالنسبة للمتعلّم،غير مألوفة لديْه، فإنّنا نعتمد المنظّم الشارح لأنه يزوِّد التلميذ ببناءٍ تصوُّريموحّد في امكان التلميذ استخدامه كقاعدة فكرية ومن تمّ ربطه بالتعلّم الجديد، أمّاحين يكون للتلميذ المامٌ بالمادّة المعروضة فإنّ المنظم المقارن هو الذي يسمح للمتعلّم بإحداث علاقة تكاملية (بيْن المفاهيم الجديدة والمفاهيم المشابهة لها) على بنيته المعرفية، كما أنها تزيد الفرد قدرةً على التمييز بين الأفكارالجديدة والأفكار السابقة لديْه (المكتسبات). وبهذا فإنّ » أوزوبيل « قد وضع من "العلاقة بين الأفكار"حجرة الزاوية لكلّ نظريته التعلّمية ، إذْ يرى أنّ كلّ تعلّم/تعليم ينبغي أن يُعطَى انطلاقاً من الأفكاروالنظريات العامّة التي تمثّل أرضيةً لأفكار جديدة ونظريات خاصة. وفي هذا المضمار،يمكننا أن نتساءل: كيف يمكن تصوّر"صورة" التي تعتبر تمثيلاً ذهنياً لهذاالشيء أو ذاك؟ مثل، ماذا أعني بقولي : أتمثّل صورة "محمد" و"فاطمة"؟

حسب الباحثيْن »روملهارت و أورتونيRumelhart & Ortony-1977 « هذه الصورة ما هي في الحقيقة إلاّ نوع من الخصوصيات أو التمييزات لفكرة عامّة لديَّ عن "الإسان" مسبقاً أضيف إليها خصائص معيّنة تتوفّر لدى "محمد" أو "فاطمة". هذان الباحثان، يقارنان بيْن العلاقة بين الفكرة والصورة من الناحية السيكولوجية من جهة، والعلاقة الموجودة بيْن متغيِّر وقيمة عددية لمتغيّر في الرياضيات، إذْ تمثِّل الصورة متغيّراً أُعطيت لها قيمة مَا. فوجود هذه الصّور عند الفرد يسمح له بالتعبير عن سلوكات من نوع: يصف–يسمِّي…مثل: أن يصف حقلاً من الحقول، ثمّ يسمّي كلّ شيء فيه باسمه
- النظريات وترابطها :
إذا أُخذت الأشياء أو الأفعال أو الأحداث، كلٌّ على حِدَة، فإنّ كليْها لايمثِّل إلاّ جزءاً من الحقيقة، قد تمكِّن الفرد من تمثيل الأحداث داخلياً…
فحينما تقول: " تتمدّد المعادن تحت تأثير الحرارة" فإنّك تُدلي بفرضية يعتمدها السّامع لتكوين مجموعة من الأفكار متكاملة تسمح له بتمثيل الإرسالية لفهْم فحْوَاها

بما أنّنا نوظّف الأفكار والفرضيات لتمثيل الأشياء والأفعال والأحداث،فإنّ مجموعة الفرضيات المترابطة تمثّل"معرفة الفرد" في مجال معيّن. كقوْلُنا–مثلاً– مَن يعرف" نظريات التعلّم " أو" تقنية صياغة الأهداف السلوكية" فإنّه– بلا شكّ– يمتلك مجموعة من الفرضيات المتعلّقة بهذا المجال.
وامتلاك مجموعةالفرضيات في مجال معيّن، تسمح للفرد بالتعبير عن سلوكات من نوع : أن يشرح – أن يصف– أن يرسم – أن يحرّر
- المهارات العقلية Habiletés intellectuelles
إذا كانت القدرات من نوع "المعلومات اللفظية" تمكِّن الفرد من تمثيل الحقيقة وتبليغ هذه التمثّلات للغيْر، فإنّ"المهارات العقلية"تتكوّن أساساً من "عمليات ذهنية " قابلة للتطبيق. فمتى واجهت الفرد (الذي يمتلك هذه المهارات العقلية) وضعية، كيفما كان نوعها، فإنّه يعمل على
تحويلها وتبسيطهاوترجمتها من خلال تطبيقه لمجموعة من العمليات الذّهنية حتى يهتدي إلى الحلّ المناسب لها: حلّ المعادلات الرياضية– صياغة اسم الفاعل أو اسم المفعول–تحويل جملة من صيغة إلى أخرى – تحرير تقرير… هذه كلها أمثلة عن السلوكات الناتجة عن امتلاك المهارات العقلية
-المفاهيم Les concepts :
يعرّف " معجم علوم التربية " المفهوم على أنّه: » تمثيل رمزي يتشكّل من الخصائص المشتركة بين مجموعة من الأشياء–Delandsheere.1979 -« تمثيل ذهني عام للسّمات المشتركة والثابتة بين فئات من الموضوعات القابلة للملاحظة والذي يمكن تعميمه على كلّ موضوع يمتلك نفس السماتر –Legendre.1988-«، وفي المجال البيداغوجي يرتبط تعلّم مفهوم معيّن بقدرة المتعلّم على تشخيص وتحديد معايير المفاهيم، أي التعرّف على موضوع باعتباره عنصراً من عناصر مفهومٍٍ أو فئةٍ من خلال عمليات التمييز والتصنيف،كما يرتبط بالقدرة على الاستجابة وردّ الفعل تجاه مؤشرات أو علامات دالة على خصائص موضوع أو سماته، أو القدرة على تسمية أو وصف أو تعريف فئة أو قاعدة للتصنيف… وبناءًعلى هذه المعطيات فإنّ أهداف تعلّم المفهوم هي :
- التعرّف على موضوع باعتباره عنصراً ضمن فئة مفهوم معيّن
- ردّ الفعل بكيفية ملائمة تجاه عناصر أو وضعية معيّنة
- تسمية أو وصف أو تعريف موضوع معين
- تعميم وسحب سلوك على وضعيات ومجالات أخرى

إنّ امتلاك الفرد لـ "مفهوم" يفترض امتلاكه مجموعةً من الخصائص المشترَكة لفئة من الأشياء، الأفعال أو الأحداث، إلى جانب تحكّمه في مجموعة من الاجراءات(عمليات ذهنية) تسمح له بفحص– كلّما تعرّض لوضعية/ اشكالية معيّنة– ما إذا كانت هذه الخصائص متوفّرة في الشيء أو الفعل أو الحدث المعايَن. وامتلاك الفرد لهذه الخصائص والاجراءات تمكّنه من التعرّف على النماذج والعيّنات المنتمية لفئة
دون غيرها. وهكذا،فإنّ الفرد الذي يمتلك مفهوم متوازي الأضلاع ، يمكنه أن يتعرّف عليه وسَط مجموعة من الأشكال الهندسية المختلفة الأشكال والأحجام والألوان، لأنّ الصورة النهائية التي ارتسمت في ذاكرته تُفضي بأنّ: كلّ شكل هندسي رباعي مغلَق، ضِلْعاه المتقابلان متوازيان يُسمّى متوازي الأضلاع … وبهذا، فإنّه سيُدمج ضمن هذه الفئة كلاًّ من المربّع والمعين والمستطيل.والتلميذ الذي يمتلك مفهوم
الفاعل في قواعد اللغة،يمكنه التعرّف عليه ضمن جملة، تعيينه،إعرابه… وهكذا، نلاحظ أنّ الفارق بين "الفكرة"و"المفهوم" ضئيل جدّاً ؛ ففي الحالة الأولى، تُمكِّن القدرة من تمثيل وتبليغ الأشياء، وفي الحالة الثانية،تمثيل الأشياء وتصنيفها ( إلاّ أنّ هذا لا يمنع الفرد من امتلاك "مفهوم"وقدرته على تبليغ خصائصه). لذا، ينبغي أن يكون هذا الفارق جليّاً لدى مصمّمي التعليم/ التعلّم، لأنّ الشروط تختلف قليلاً حسب نوعية التعليم المحدّد لتحقيق قدرات هذا النمط أو ذاك من أنواع التعلّم…

يقسّم "جانييه" المفهوم إلى قسميْن : المفهوم المحسوس والمفهوم المحدّد .
1- المفهوم المحسوس le concept concret :
انطلاقاً من أنّ الحواس هي مصدر المعرفة (المعرفة الحسّية)، فإنّ"أوغست كونت" (Auguste Comte) مؤسّس الفلسفة الوضعية، يولي الاهتمام اللازمللملاحظة في انتاج أو بناء مختلف المعارف لكوْن هذه الملاحظة تشكّل الأداة الرّئيسة في التقاط المعلومات وجمع
المعطيات الواقعية التي ينبغي العمل على صياغتها وتنظيمها في شكل مفاهيم وتصوّرات ونظريات وقوانين في لغة بسيطة، محسوسة ودقيقة المعنى؛ وهو بذلك،يحثّ على ضرورة إبعاد واقصاء كل الفرضيات والأفكار المسبَقة حتّى لا يكون لها أيّ تأثيرعلى الملاحظة ونتائجها. أمّا "جانييه" فإنّه يبسّط الأمور دون التوغّل فيهذه النظريات الفلسفية، معتبراً كلّ إدراك لخصائص مفهوم - ضمن أمثلة مقدّمة – عن طريق حاسّة من الحواس الخمس هو مفهوم محسوس… مثلاً: »سيمتلك الفرد "مفهوماً" يمكّنه من التعرّف على"الياسمين" من بين مجموعة من الأزهار المقدّمة له .

إنّ اكتساب المفاهيم المحسوسة لا تشكّل أية صعوبة بالنسبة للمتعلّم، بحيْث يكفيه استدعاء وتوظيف تجاربه وخبراته الحسّية ليكون قادراً على استيعاب كلّ مفهوم له علاقة بموضوع الدّرس شريطة أن يكون قابلاً للملاحظة. لذا، على المعلّم أن يحرص على بناء وإعداد الأنشطة الدّراسية انطلاقاً من مكتسبات التلميذ القبلية
- المفهوم المحدّد Le concept défini :
إذا كان المفهوم المحسوس يمثّل مجرّد انعكاس لواقع أو حدث أو فعل حسّييتمّ عن طريق الملاحظة، فإنّ المفهوم المحدّد يتّسم بالتجريد، لا يمكن ملاحظته إلاّمن خلال تصوّر نظري محدّد يقتضي من المتعلّم إقامة مجموعة من التمثّلات (Représentations)
الذهنية المجرّدةعن هذا المفهوم… لذا، فإنّه لَمِن الصعب تحديد الوقائع أوالأحداث أوالموضوعات التيتشير إليها بدقّة. فمفهوم"الديمقراطية" لا يمكن ملاحظته، لذا فإنّ المتعلّم يلجأ إلى تعريفات نظرية تمكّنه من تحديد خصائص معيّنة لتمثيله؛ وقد يعمد المعلّم، فيذلك، إلى إجراء مقارنات (concepts comparatifs ) بين أنظمة مختلفة للإحاطة بهذا المفهوم، وقد يستعين المعلّم بالطريقة الإلقائية والأسئلة
التوجيهية لبناء المعارف بطريقة استنباطية ممّا لا ريْب فيه أنّ تعلّم المفاهيم يعتبر هدفاً تربوياً هامًّا في جميع مستويات التعليم، لذا، وجب على المربّين وخبراء المناهج التعليمية، ومعدّي الوسائل التعليمية الحرص على ضبط وتحديد المفاهيم (كلّ المفاهيم) المستهدفة في كلّ مادّة، بلوفي كلّ نشاط تعليمي/تعلّمي، مع السّهر على توحيد مدلولها عبْر مختلف الموادّ التعليميةومختلف سنوات التمدرُس، حتّى نجتنب كلّ فهم خاطئ و كلّ تأويل شخصي… لأنّ التجربة أثبتتأنّ المشكلة الأساسية في هذا المجال تكمُن في عدم اتفاق "الناس" على طبيعةالمفاهيم وعدم اتفاقهم في التعريف الدقيق لهذا المفهوم أو ذاك، إِذْ كلّ منهم يركّزعلى خصائص معيّنة للمفهوم الواحد،يعطيها الأولوية متناسيًا الخصائص ذات الأولوية بالنسبة للغير، وهذا، لعمري،مصدر الاختلاف والاخفاق… فإذا كان المبدأ أو القاعدة يُبنى أساسًاعلى العلاقة القائمة بين مفهوميْن فأكثر فإنّفهم هذا المبدإ أو القاعدة يتوقّف إلى حدّ كبير على فهم المفهوم والقدرة على استخدامه
- القواعد Les règles :
إنّ قدرة "المفهوم" تسمح بالتعرّف- من بين مجموعة من الأمثلة المقدّمة- على الأمثلة التي تمثّل هذا المفهوم. هذه القدرة ليست معزولة ولا منفصلة،ولا تتمّ إلاّ عن طريق مجموعة من العمليات الفكرية تؤدّي إلى تصوّرالمفهوم وبالتالي التعرّف عليه. لكي يتمكّن الفرد من حساب مساحة المثلّث – مثلاً– فإنّه يقوم بمجموعة من العمليات الفكرية : التعرّف على القاعدة – التعرّف على الارتفاع قبل تطبيق القاعدة المعروفة لديْه ( القاعدة × الارتفاع )÷2

هكذا، فإنّ الفرد الذي يمتلك هذه القاعدة يستطيع متى طلب منه حساب مساحة مثلّث ما يعرف قاعدته وارتفاعه (وضعية 1) تطبيق مجموعة من العمليات للحصول على ذلك(وضعية 2). وهنا، يمكننا القول بأنّ "القاعدة" هي سيرورة تجمع بين المفهوم ومجموعة من العمليات تسمح بتحويل وضعية معطاة (1) إلى وضعية متوخّاة (2) .
- القواعد من الدرجة العليا - Règles d'ordre supérieur
إذا كانت القواعد البسيطة تكتفي بالقيام ببعض العمليات لتحويل وضعية(ا) إلى وضعية (ب) أو الجمع بين الوضعيتين، فإنّ "القاعدة من الدرجة العليا " تتطلّب إقامة عدّة عمليات متتالية للحصول على النتيجة المتوخّاة.
وبهذا، يمكننا تعريف" القاعدة من الدرجة العليا" على أنها قدرة تتألّف من مجموعة من القواعدالمعرفية تسمح بتحويل وضعية (ا) إلى وضعية (ب) أو اقتران وضعية (ب) مع (ا)، مثل : تحليل معادلة… ترقيم نص… تحرير عرض حال
- المهارات الحركية : Les habiletés motrices
ويقصَد بها إنجاز أداءات تستلزم استخدام العضلات بيُسر وسهولة في وقت محدّد. ويمكن التعرّف على هذا النوع من القدرات من خلال النشاطات الجسدية التي تتدخّل فيها العضلات، كبرى كانت أم صغرى، وقد تتآزر في أغلب الوضعيات،مثل الكبرى: السباحة، قذف الكرة، العمل اليدوي في الورشة، النطق بكلمات منلغة أجنبية، الضرب علىالآلة الراقنة، سياقة س … الصغرى: استخدام المقص، رسم الحروف الأبجدية أوالأشكال الهندسية البسيطة، التلوين … و"جانييه" الذي عمل كثيراً في القوات الجوية الأمريكية– حسب شهادة زميله بريقز Briggs- استغلّ المبادئ السيكولوجية للرّفع من كفاءات الجنود، مركّزاً على الترابطات بين المثير والاستجابة، بحيث إنّ هذا التعلّم المبني على تعلّم سلسلة الحركات التي تشكّل المهارة، يتضمّن سلوكاً قابلاً للملاحظة والقياس. هذا التعلّم، يفرض تحليل السلوك النهائي المرغوب فيه قصد عزل كلّ الوصلات المكوّنة للسلسلة (مكوّنات المهارة المقصودة)ثمّ العمل على ترتيبها في تسلسل تَراتُبيٍّ سليم… لكنّ هذا التعلّم الذي يغلب عليه طابع "الرّوتين" قد يُفلح في بعض المجالات، مثل تفكيك أجزاء جهاز ثمّ تركيبه،وقد لا يحقّق نفس النجاح في بعض الأعمال الأكثر تركيباً التي تستدعي مهارات فائقة وابداعات شخصية .
المواقف والاستعدادات: Les attitudes
المواقف هي حالة من حالات الاستعداد السيكولوجية تدفع الفرد لكي يتصرّفبطريقة خاصة تجاه أشخاص أو وضعي.Lambert W. 1989 «،كما أنها » أسلوب منتظم ومتناسق في التفكير والشعور وردّ الفعل نحو الناس والجماعات والقضاياالاجتماعية، أو تجاه أيّ حدث… من مكوّناتها المتنوّعة: الأفكار والمعتقدات والمشاعر والانفعالات والاختيارات والاستعدادات والميول والاتجاهات والنَّزعات إلى
ردّ الفعلMaisonneuve J. 1973 « يعبَّر عنها من خلال التعبير اللفظي (الكلام) أو الحركي أو أفعال أوتصرّفات معيّنة… تُكتسَب المواقف والاتجاهاتمن خلال التجربة التي يمرّ بها الفرد فتؤثّر عليه، إيجاباً أو سلباً، وتوجّه سلوكه واستجاباته… إنها، إذاً، مكتسبة وليست فطرية؛ وكلّ شيء مكتسب قابل للتعديل والتغييربفعل تأثيرات خارجية أقوى. ومن هذا المنطلق، يتجلّى دور التربية والتعليم الذي يستهدف إِحداث تعديلات أو تغييرات على مستوى سلوكات (مواقف) الأفراد أو تثبيتها. فالمجتمع،من خلال النظام التربوي، يسعى إلى توجيه مواقف الأفراد في»الاتجاه المرغوب فيه« حسب المواصفات والمعايير التي حدّدها لشخصية »المواطن الصالح« ضمن فلسفته التربوية وتوجّهاتها الكبرى المستمدَّة من المعتقدات والمبادئ والمُثُل العليا التي تبنّاها، والتي تتكفّل المدرسة بتجسيدها من خلال المناهج والطرائق التربوية وأشكال التواصل السائد في الممارسات البيداغوجية…

تتبنّى المدرسة "منظومة القيَم"هذه ، وتسعى جاهدة إلى غرْسها وتثبيتها لدى الناشئة. وبما أنّ منظومات القيَم تختلف من مجتمع لآخر، فإنّ ذلك ينعكس أيضاً على غايات التربية وأغراضها من مجتمع لآخر، إذْ يسعى كلّ مجتمع إلى إكساب المتعلّمين المواقف والاتجاهات وتنشئتهم وِفْق القيَم التي يقوم عليها .

يعرّف "جانييه" المواقف (1974-1976) على أنها »حالات داخلية مكتسبة تؤثّر على اختيار فعلٍ شخصي تجاه مجموعة من الأفعال، أشخاص أو أحداث…
وعندما تنتظم في سياق معيّن، فإنها تعمل على ضبط السلوكات الانسانية «، ومن هذا المنظور، يمكننا تصوّر تركيبة "المواقف" على أنها شبيهة بتركيبة "القواعد":» لكل وضعية معيّنة فعلٌ أونشاطٌ معيّن «، لكن، ما يميّز- فعلاً-الموقف عن القاعدة هو الجانب الوجداني الذي يساير المواقف ويتحكّم في توجيهها، وبالتالي يفرض على الفرد اتخاذ سلوكات معيّنة في تصرّفاته : الاهتمام بمادة دراسية بدل مادة أخرى ، مشاهدة نوع من الأفلامبدل نوع آخر، يساند رأي زميل له في القسم يتّفق ومواقفه حتى ولو كان عدوّاً له…
الاستراتيجيات المعرفية Les stratégies cognitives :
إلى حدّ الآن، انصبّ اهتمامنا على حصرالقدرات التي تسمح للفرد بتصوّرالحقيقة وتبليغ هذه التمثّلات للآخرين (المعلومات اللفظية)، ثمّ تعرّضنا إلى القدراتالتي تسمح بالتدخّل داخلياً (المهارات الذهنية)، وخارجياً على الحقيقة (المهارات الحركية)قبل أن نتطرّق إلى قدرات
من نوع آخر تؤثّر على اختيارالفرد للأفعال الشخصية (المواقف).ننتقل إلى نوع خاص من القدرات المتمثّل في: الاستراتيجيات المعرفية، وهي قدرات تسمح باستيعاب واكتساب القدرات التي سبق دراستها، وتنظيم هذه القدرات في عملية الاستدلال وتحليل المشكلات. فالمتعلّم،
يعمل على توجيه تعلّمه، وتفكيره، ومشاعره… ولا بأس إنْ أخطأ لأنّ هذه الاستراتيجيات تعتمد أساساً على المحاولة والخطأ التي تمثّل وظائف الضبط التنفيدية في معالجة المعلومات والمواقف. بإمكاننا مقارنة اجراءات الاستراتيجيات المعرفية بالمهارات العقلية من نوع القواعد المعرفية البسيطة أو القواعد المعرفية من الدرجةالعليا. لكن، في حين إنّ القواعد البسيطة أو القواعد من الدرجة العليا تتعرّض للشيءأو الحدث من حيث هو مظهر من المظاهر المعرفية مثل تحليل معادلة أو صياغة اسم فاعل أواسم مفعول… فإنّ الاستراتيجيات المعرفية تتعرّض إليه (إضافة إلى ذلك) من حيث هو مظهرسيكولوجي يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الفردية ذات الأهمية البالغة
الواجب مراعاتهاكلّما أقبلْنا على تصميم أيّة استراتيجية تعليمية/تعلّمية، مثل: الفروق الفردية، درجات الاستيعاب المتفاوتة، الإيقاعات المختلفة .
في نفس الاتجاه، يجب على الفرد الذي يجد نفسه أمام مشكل يتطلّب حلاًّ،أن يبدل قصارى جهده للإحاطة بوضعية الانطلاق والغرض من المشكل، كما يجب عليه أن يكونواعياً بأهمّية التحكّم في هذه المظاهر السالفة الذّكر، بغضّ النظر عن المضمون المعالج لأنّ الاستراتيجيات المعرفية التي يقصدها "جانييه" تجمع ما بين استراتيجيات التعلّم واستراتيجيات حلّ المشكلات ، ففي الحالة الأولى (استراتيجيات التعلّم)، يمكن تعريف الاستراتيجية علىأنها سيرورة تقتضي من المتعلّم البحث، من بين المثيرات المقدّمة، على تلك التي تسهّل عملية اكتساب القدرة المستهدَفَة. فالمتعلّم الذي يريد تعلّم مهارة حركية، يحاول –بادئ ذي بدء- تفكيك تلك المهارة إلى أجزائها الفرعية، ثمّ يدقّق الملاحظة في
نموذج مشابه في كيفية أداء كلّ جزء من أجزائه، يحاول محاكاة كلّ فرع على حدة، يبحث عن التغذية الراجعة الملائمة، وهذا بصفة تدريجية إلى أن يتحكّم في المهارة المقصودة. وفي هذا السياق،يظهر المتعلّم كمطبّق، بصفة واعية ، للمبادئ والقواعد الواجب احترامها لتعلّم مختلف أنواع المهارات .
أمّا الحالة الثانية (استراتيجيات حلّ المشكلات)، وبما أنه يمكن اعتبارهذه الاستراتيجية على أنها اجراءات موظَّفَة لإيجاد الحلول المناسبة
لإشكاليات معيّنة،فإنّ طبيعة هذا المفهوم تقتضي تعريف المصطلحيْن الأساسيْن: المشكل وحلّ المشكل. يمكن اعتبار الوضعية مشكلة أو إشكالية كلما كان الفارق بيِّناً بين وضعية الانطلاق والوضعية المتوخّاة. في مادّة الرياضيات– مثلاً- يمكن اعتبار المعادلة التي تُقدَّم للمتعلّم على أنها "وضعية انطلاق"، إذْ تمثّل المشكل الذي يواجه المتعلّم والذي يستدعي حلاًّ، أمّا"الوضعية المتوخّاة" فهي قيمة "س" التي يحصل عليهابعد تحويل هذه المعادلة وهذا يتطلّب إجراء عدّة عمليات. إنّ حل هذه المعادلة هو منتوج عمليات متتالية (ع1. ع2. ع3…) ضرورية لتحويل الوضعية الأولى إلى الوضعية المتوخّاة.وبهذا، فإنّ استراتيجية حلّ المشكل هي إجراءات عملية تسمح بالحصول على نتيجة تتالي العمليات ع1. ع2. ع3… اللازمة للحل.
نفهم، من خلال هذه الترسيمة، أنّ المتعلّم، لكي يتمكّن من حلّ هذه المعادلة،يجب عليه أن يكون قادراً على الإحاطة بالوضعية الأولى"أ" والوضعية المتوخاة"ب".ولن يتيسّر له ذلك إلاّ إذا كان يتحكّم في مفاهيم"وحيد الحدّ " (Monôme)" متعدّد الحدود "(Polynôme) ،الحدّ (Terme)… التي تسمح له بالتمكّن من"أ" و "ب". كما ينبغي أن يمتلك مجموعة من القواعد يطبّقها لتيسّر له عملية تحويل
المعادلة الأولية. إنّ استراتيجيةحلّ المشكل تتطلّب إجراءات تنظيم المعلومات، المفاهيم، والقواعد التي تمّ اكتسابهاوتخزينها في الذاكرة قصد إدراك حلِّ الإشكالية. لأنّ أيّ درس يؤسَّس على خطوات تعتمد في تنفيذها مجموعة من القواعد المعرفية المكتسبة يستدعيها المتعلّم عند الحاجة. ونظراًلأهمية "حلّ المشكلة " في الوقت الرّاهن، فإنّه أصبح من الحتميات تعليم استراتيجيات حلّها التي تتلخّص في فهم الإشكالية، والتي تتضمّن هي بدورها فهم المعطيات والمفاهيم وتطويق المطلوب، فالتخطيط لخطوات التنفيذ المؤدّية إلى الحل قبل القيام بهذه الخطوات .
إنّ التصميم البيداغوجي أو الهندسة البيداغوجية هي تكنولوجيا، وتطبيق المبادئ السيكولوجية في تصوّر درس أو الوسائل الديداكتيكية– مهما كان نوعها- لا يتأتَّى إلاّ شريطة تحليل أغراض الدرس وأهدافه أو الوسائل الدّيداكتيكية في تركيباتها وامكانياتها. في جميع
الحالات، يبتدئ تصوّر درس أو الوسائل بالتعرّف على القدرات المزمَع تدريسُها. لهذا، وجب على المعلّم أن يطبّق،وهو يخطّط للدرس أو الوسائل التعليمية التي ينوي توظيفها، المبادئ السيكولوجية المتعلّقة بتعلّم المهارات اللفظية، المهارات العقلية، المهارات الحركية، المواقف
والاستراتيجيات المعرفية .

عبدالمؤمن يعقوبي


من كتابي " و يسألونك عن المقاربة بالكفاءات "
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
روبرت غانيي والنمو المعرفي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  جيروم برونر والنموّ المعرفي
» جان بياجي و النمو المعرفي - الجزء الثاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
::: منتديات أساتذة اللغة العربية و آدابها في الجزائر ::: :: بوابة التربية و علم النفس و البيداغوجيا :: منتـدى البيداغوجيات و طرائـق التدريس الحديثــة-
انتقل الى: